أثار الرئيس الأسبق منصف المرزوقي الجدل من جديد بعد تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع فايسبوك، تحدّث فيها عن أحداث قابس واعتبرها — حسب قوله — بداية “مخطّط” سينتهي بإسقاط الرئيس الحالي قيس سعيّد خلال الأسابيع القادمة.
تصريحات المرزوقي جاءت بلغة حادّة وواثقة، إذ قال إنّ ما يحدث في قابس ليس مجرّد تحرّك اجتماعي عابر، بل هو “إشارة أولى” على ما ينتظر البلاد، مضيفًا: “ما يحصل في قابس اليوم سيتكرّر في باقي المدن، لأنّ الوضع واحد في كل الجهات: فقر، عجز، وإهانة.”
وفي الوقت الذي يرى فيه المرزوقي أنّ النظام الحالي “فقد شرعيته ولم يعد له أيّ قيمة”، يربط كثير من الملاحظين بين موقفه السياسي القديم وعدائه المعروف للرئيس قيس سعيّد، إذ يعتبره خصمه الأبرز منذ انتخابات 2019، حين خسر السباق الرئاسي وغادر قصر قرطاج وسط تراجع كبير في شعبيته.
المرزوقي في تدوينته الأخيرة لم يخفِ رغبته في تغيير المشهد السياسي كليًا، داعيًا الشعب إلى “تحمّل مسؤوليته والتحرّك قبل فوات الأوان”، محذّرًا من “عودة لصوص الثورات الذين ينتظرون تعليمات الخارج”، على حدّ تعبيره.
لكنّ ما لفت الانتباه في ردود الفعل هو أنّ جزءًا كبيرًا من الشارع التونسي لا يتفاعل مع تصريحات المرزوقي بنفس الحماس. فبعد خروجه من الحكم، فقد الرجل جانبًا كبيرًا من رصيده الشعبي، وأصبح يُنظر إليه من قبل البعض على أنّه يسعى دائمًا للعودة إلى المشهد عبر مهاجمة خصومه السياسيين، وفي مقدّمتهم قيس سعيّد.
الكثير من التونسيين علّقوا على منشوره الأخير بالقول إنّ المرزوقي لم يعد يمثّلهم ولا يعبّر عن تطلّعاتهم، وأنّه “يتحدّث أكثر مما يفعل”، في حين يرى آخرون أنّه رغم الجدل الذي يثيره، فهو لا يزال من الأصوات التي تحذّر من تدهور الوضع في البلاد.
في المقابل، تبقى ولاية قابس في قلب الأحداث، بعد الإضراب العام الذي نفّذه الأهالي بدعوة من الاتحاد الجهوي للشغل احتجاجًا على الوضع البيئي الكارثي، والمطالبة بتفكيك الوحدات الصناعيّة التابعة للمجمّع الكيميائي التونسي.
وقد أكّد رئيس الفرع الجهوي للمحامين، منير العدّوني، أنّ الإضراب نجح بنسبة 100% وشلّ كل المرافق الحيوية، مشيرًا إلى أنّ الجلسة الوزارية الأخيرة لم تقدّم أيّ حلول حقيقية.
وهكذا، تتقاطع السياسة بالاحتجاج الاجتماعي في مشهد تونسي معقّد: من جهة غضب شعبي في قابس، ومن جهة أخرى تصريحات نارية من المرزوقي تثير الانقسام بين من يراها تحذيرًا صادقًا، ومن يعتبرها مجرّد محاولة للعودة إلى الأضواء.
الفيديو;
