تعيش تونس هذه الفترة على وقع حديث واسع حول الزيادات المرتقبة في الأجور لسنة 2026، وهو موضوع يهمّ شريحة كبيرة من المواطنين، خاصّة في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب وغلاء المعيشة الذي أثّر على القدرة الشرائية للتونسيين خلال السنوات الأخيرة.
وحسب ما ورد في مشروع قانون المالية الجديد لسنة 2026، فإنّ الحكومة تتّجه إلى رفع نفقات الأجور بنسبة 3.6%، وهي خطوة تُعتبر مؤشّرًا واضحًا على وجود زيادات فعلية في أجور العاملين في القطاعين العام والخاص خلال السنة القادمة.
لكن ما يميّز هذه السنة بالذات، هو أنّ الزيادات لن تكون موحّدة أو شاملة دفعة واحدة، بل سيتمّ ضبطها عبر أوامر تطبيقية تصدر تباعًا عن رئاسة الجمهورية، لتحدّد قيمة الزيادات وطبيعتها حسب كل قطاع وخصوصيته. وهذا يعني أنّ التفاصيل الدقيقة لم تُحسم بعد، ولكن الاتجاه العام واضح نحو تحسين الأجور تدريجيًا على امتداد السنة.
ولم تقتصر القرارات المنتظرة على الموظفين النشطين فقط، إذ من المنتظر أيضًا أن يتمّ تحسين جرايات المتقاعدين في إطار خطة تمتدّ على ثلاث سنوات (2026 – 2027 – 2028)، بهدف دعم الفئات التي تأثّرت أكثر من غيرها بارتفاع الأسعار وتراجع قيمة الدينار. هذه التحسينات ستكون تدريجية ومدروسة، حتى لا تُرهق ميزانية الدولة وفي نفس الوقت تضمن تحسين دخل المتقاعدين بشكل ملموس.
وتأتي هذه التوجّهات في وقتٍ تشهد فيه عدة دول حول العالم زيادات متفاوتة في الأجور. فبينما تُتوقّع زيادات في بلدان مثل تونس والمملكة المتحدة والهند، من المنتظر أن تبقى مستقرّة نسبيًا في دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وتُشير بعض التحاليل الاقتصادية إلى أنّ رفع الأجور في تونس سيكون له تأثير مزدوج: فمن جهة يمكن أن يخفّف من الضغط على العائلات التونسية ويحسّن القدرة الشرائية، ومن جهة أخرى قد يُحمّل الدولة كلفة مالية إضافية في ظلّ وضع الميزانية المتوازن بصعوبة. لذلك من المنتظر أن تكون الزيادات مدروسة ومحدودة نسبيًا، حتى لا تؤثر سلبًا على التوازنات المالية العامة.
ورغم كلّ ذلك، تبقى هذه الخطوة إشارة إيجابية بالنسبة للتونسيين الذين ينتظرون أي تحسّن في دخلهم بعد سنوات من الجمود. فالكثيرون يعتبرون أنّ أي زيادة— ولو كانت بسيطة—يمكن أن تُحدث فرقًا في حياتهم اليومية وسط موجة الأسعار التي لا تهدأ.
وفي انتظار صدور القرارات الرسمية خلال الأشهر القادمة، يعيش الشارع التونسي بين تفاؤل وأمل وحذر، في انتظار أن تتحوّل هذه التوقّعات إلى واقع ملموس يُعيد شيئًا من التوازن إلى ميزانية العائلة التونسية.
الفيديو;
