تعيش إدارة الشرطة العدلية بالقرجاني هذه الأيام على وقع حركة غير عادية، بعد أن وُضعت على مكاتبها ملفات وُصفت بالـ"خطيرة جدًّا"، تتعلّق بعشرات الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني.
التحرّكات جاءت بأمر مباشر من النيابة العمومية، التي أذنت بتعهيد كلّ من الفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة وإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني بفتح تحقيقات موسّعة تشمل مصادر التمويلات الأجنبية التي تلقّتها تلك الجمعيات خلال السنوات الأخيرة، وخاصة من مؤسّسات كبرى أبرزها “مؤسسة سوروس” الأمريكية.
مصادر مطّلعة أكّدت أنّ هذه الخطوة جاءت بعد ورود تقارير دقيقة من لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي، إضافة إلى تقارير قضائية سابقة كشفت وجود تحويلات مالية ضخمة دخلت تونس تحت عناوين مشاريع تنموية أو ثقافية، لكن بعضها لم تُعرف وجهته الحقيقية ولا طبيعة الأنشطة التي موّلت بها.
وبحسب المعطيات الأوّلية، فإنّ بعض الجمعيات التونسية تلقّت مبالغ وصلت إلى ملايين الدنانير من مؤسسات أجنبية مختلفة، تحت مسمّيات متعدّدة ومشاريع غامضة.
وتشير الأرقام إلى أنّ منظمة “البوصلة” استفادت من تمويلات تجاوزت 3.6 مليون دينار تونسي إضافة إلى مبالغ أخرى بالدولار الأمريكي من مؤسسة “سوروس”، إلى جانب دعم من الاتحاد الأوروبي ومؤسسات مثل “فورد”، “أوكسفام” وغيرها.
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدوره تلقّى تمويلات سنوية قاربت مليون دينار من نفس الجهات تقريبًا، في حين برزت جمعيات أخرى مثيرة للجدل على غرار “شوف”، “شمس”، و“دمج”، التي حصلت على دعم مالي كبير من مؤسسات أوروبية ومنظمات مثل “روبرت كار” و“سغريد راووس”، دون وضوح كافٍ حول أهداف المشاريع المموّلة أو آليات صرف الأموال.
ويبدو أنّ هذا الملفّ لن يتوقّف عند حدود التحقيق المالي، إذ تتحدّث بعض المصادر عن إمكانية تجميد أصول بعض الجمعيات المعنية، في انتظار ما ستكشفه الأبحاث الجارية.
الجهات القضائية أكّدت من جانبها أنّ هذه الخطوة تأتي في إطار حماية الأمن الوطني والسيادة المالية، وأنّ كلّ من يثبت تورّطه في تلقي تمويلات مشبوهة أو في أنشطة تمسّ من استقرار البلاد، سيُحاسب وفق القانون.
الأنظار الآن متجهة نحو إدارة الشرطة العدلية بالقرجاني، حيث تتكدّس الملفات وتُدرس التقارير واحدًا تلو الآخر، في انتظار قرارات قد تُحدث زلزالًا داخل عدد من المنظمات التي لطالما قدّمت نفسها كجمعيات مدنية لا غير… لكن الواقع، كما يبدو، بدأ يكشف وجها آخر أكثر غموضًا وخطورة.
🕵️♂️ الملفّ مفتوح... والتحقيقات مستمرّة.
الأيّام القادمة كفيلة بكشف الكثير من الحقائق.
الفيديو;
