مشهد قضائي جديد يعيد إلى الأذهان مرحلة حساسة من التاريخ السياسي التونسي، مثُل اليوم أمام المحكمة الابتدائية بتونس عدد من الشخصيات السياسية البارزة، يتقدّمهم نور الدين البحيري، وزير العدل الأسبق والقيادي في حركة النهضة، ومنذر الونيسي، رئيس الحركة بالنيابة ووزير الصحة الأسبق، في قضية وفاة النائب الراحل الجيلاني الدبوسي.
القضية مازالت تثير جدلاً واسعًا رغم مرور أكثر من عشر سنوات على أحداثها.
🏛️ جلسة مطوّلة أمام المحكمة الابتدائية
الجلسة التي انعقدت اليوم أمام إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس شهدت نقاشًا مطوّلًا بين هيئة الدفاع وممثل النيابة العمومية.
وقد قرّرت المحكمة حجز القضية للنظر في مطالب الإفراج المقدّمة من الدفاع، مع تحديد موعد جديد للجلسة القادمة لاستكمال النظر في الملف الذي ظلّ مفتوحًا منذ سنوات طويلة.
🧾 خلفية القضية: من وفاة الدبوسي إلى فتح التحقيق
تعود فصول القضية إلى 7 ماي 2014، تاريخ وفاة النائب الجيلاني الدبوسي، بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه من السجن الذي قضى فيه أكثر من عامين ونصف منذ أكتوبر 2011.
وفاة الدبوسي أثارت شكوكًا واسعة حينها، دفعت عائلته إلى تقديم شكاية رسمية اتهمت فيها عددًا من المسؤولين السياسيين والقضائيين بـ"التورّط في سلسلة من الانتهاكات القانونية والطبية والإنسانية" خلال فترة احتجازه.
بناءً على تلك الشكاية، تم فتح تحقيق قضائي في جرائم خطيرة من بينها:
-
محاولة القتل العمد مع سابقية القصد
-
التعذيب وسوء المعاملة من قبل موظفين عموميين
-
الامتناع عن القيام بالواجب القانوني والمشاركة في ذلك
ومنذ ذلك التاريخ، ظلّ الملف يتنقّل بين مكاتب التحقيق وجلسات القضاء، ليعود اليوم إلى الواجهة في مرحلة جديدة قد تكشف فصولًا خفية من تلك الفترة الحساسة التي عاشتها البلاد.
👤 رمزية الأسماء المتّهمة
تكتسي القضية بعدًا رمزيًا وسياسيًا قويًا، نظرًا لوجود شخصيات ثقيلة مثل نور الدين البحيري ومنذر الونيسي ضمن قائمة المتهمين.
ويرى مراقبون أن محاكمة شخصيات قيادية بارزة تعبّر عن تحوّل في مناخ المحاسبة السياسية والقضائية في تونس، وتؤشر إلى توجّه الدولة نحو إعادة فتح الملفات القديمة ومحاسبة كل من تورّط في تجاوزات، مهما كان موقعه.
⚖️ بين المحاسبة والاتهام بالتصفية السياسية
القضية أثارت انقسامًا واضحًا في الأوساط السياسية والإعلامية، بين من يراها خطوة ضرورية في مسار العدالة والمحاسبة، ومن يعتبرها تصفية حسابات سياسية ضدّ قيادات النهضة.
لكن في النهاية، الكلمة الأخيرة تبقى للقضاء التونسي، الذي يجد نفسه أمام اختبار جديد لإثبات استقلاليته ونزاهته في ملف معقّد ومثير للجدل.
⏳ انتظار الجلسة القادمة
القضية لم تُغلق بعد، وما حصل اليوم ليس سوى مرحلة جديدة في مسار طويل ينتظر فيه الرأي العام قرار المحكمة بشأن مطالب الإفراج ومواصلة التحقيقات.
ويبقى السؤال المطروح:
هل ستكون هذه نهاية ملف عمره أكثر من عشر سنوات؟
أم بداية مرحلة جديدة من كشف الحقائق والمحاسبة؟