تتواصل ردود الأفعال في تونس حول حادثة القرصنة الخطيرة التي تعرّضت لها سفن أسطول الصمود في عرض البحر، والتي أقدمت خلالها بحرية الاحتلال الإسرائيلي على اعتراض السفن في المياه الدولية، قبل أن تقوم باختطاف جميع النشطاء الذين كانوا على متنها، ومن بينهم عدد هام من التونسيين الذين شاركوا في هذه المبادرة التضامنية مع الشعب الفلسطيني.
هذه التطوّرات أثارت حالة من الغضب والاستنكار في الداخل التونسي، حيث عبّر العديد من السياسيين والحقوقيين عن رفضهم لهذه الممارسات، وكان من بين أبرز الأصوات النائب فاطمة المسدّي التي نشرت اليوم الخميس تدوينة على صفحتها الرسمية، قدّمت فيها موقفًا واضحًا وحادًا من هذه القضية.
المسدّي ذكّرت بدايةً بأنّ الموقف الرسمي للدولة التونسية تجاه الكيان الإسرائيلي لا لبس فيه ولا يحتمل التأويل، مؤكّدة أنّ تونس لم ولن تعترف بهذا الكيان لا كقيادة ولا كشعب، وأنّ كل أشكال التعامل معه مرفوضة رفضًا قطعيًا، سواء كان ذلك عبر مفاوضات أو اتفاقيات أو حتى مجرد محادثات عابرة. ودوّنت قائلة:
"الدولة التونسية موقفها واضح: لا نعترف بالكيان أصلًا، لا قادة ولا شعب. لا تعامل، لا تفاوض، لا اعتراف."
لكن النقطة التي أثارت الجدل أكثر في تدوينتها هي تعليقها على ما حدث مع الناشط التونسي وائل نوار، الذي تواصل عبر جهاز اللاسلكي مع بحرية الاحتلال قبيل عملية الاختطاف. فقد اعتبرت المسدّي أنّ مجرد فتح قناة تواصل من هذا النوع يدخل في خانة التطبيع، حيث قالت:
"من يسعى إلى فتح حوار مع الكيان حتى باللاسلكي، فهو حسب رأيي يسعى إلى التطبيع معه."
هذا الموقف الصارم أثار نقاشًا واسعًا، خاصّة وأنّ البعض يرى أنّ مثل هذا التواصل كان يندرج في إطار الضرورة والواقع الميداني الذي فرضه اقتراب سفن الاحتلال من الأسطول، بينما ترى المسدّي أنّ أي خطوة من هذا النوع تحمل مخاطر سياسية ورمزية كبيرة، وقد تُستغل لتبرير أشكال من التعامل غير المباشر مع الاحتلال.
وبين مؤيد ومعارض، يبقى المؤكّد أنّ حادثة اختطاف أسطول الصمود أعادت تسليط الضوء على الموقف التونسي الثابت من القضية الفلسطينية، وأظهرت في الوقت نفسه حساسية أيّ سلوك أو كلمة قد تُفهم على أنّها مساس بهذا الموقف المبدئي.