تعيش الأسواق التونسية هذه الفترة حالة من التوتّر الكبير بسبب الجدل الواسع حول أسعار اللحوم الحمراء والدواجن، في وقت يواجه فيه المواطن ضغطًا متزايدًا على قدرته الشرائية. وبين تصريحات رسمية وقرارات صارمة من الدولة، تتواصل النقاشات حول السعر الحقيقي لهذه المواد الأساسية، وحقيقة ما يحدث بين المسالك المنظّمة والأسواق العشوائية.
وفي هذا السياق، تدخّل صباح اليوم رئيس الغرفة الوطنية لتجار الدواجن واللحوم البيضاء، إبراهيم النفزاوي، في تصريح إذاعي ليضع النقاط على الحروف بخصوص أسعار الدواجن. وأوضح أنّ الكيلوغرام الواحد من لحم الدواجن يُباع في نقاط البيع المنظّمة بأسعار تتراوح بين 8500 و8700 مليم فقط، مؤكّدًا أنّ هذه التسعيرة مضبوطة وتراعي الكلفة الحقيقية للإنتاج والتوزيع. كما أضاف أنّ سعر "الإسكالوب" لم يتجاوز 16,500 مليم في نفس المسالك القانونية.
ولم يكتف النفزاوي بذكر الأسعار، بل كشف أيضًا عن كلفة الإنتاج بالتفصيل، موضّحًا أنّ كلفة الكيلوغرام الواحد من لحم الدواجن تصل إلى حوالي 4070 مليم، أي أقل بكثير من الأسعار التي تُباع بها في بعض الأسواق. وهنا شدّد على أنّ الفارق بين سعر الكلفة والسعر الرسمي يُعتبر معقولًا إذا التزم جميع المتدخلين بالقانون.
غير أنّ الواقع، حسب ما أبرزه النفزاوي، يختلف تمامًا في نقاط البيع العشوائية وغير المنظمة، حيث يفرض بعض التجار أسعارًا تتجاوز التسعيرة القانونية، ليصل الكيلوغرام حتى 9500 مليم. ووصف هذه الممارسات بأنّها "خروج عن السيطرة" واستغلال واضح للمستهلك، بل واستكرش من طرف بعض المستثمرين الذين يسعون لتحقيق أرباح خيالية على حساب المواطن البسيط.
وتأتي هذه المعطيات في وقت تزامن مع قرارات صارمة أعلنها رئيس الجمهورية مؤخرًا، إذ شدّد على أنّ سعر الكيلوغرام من لحوم الضأن (العلوش) لن يتجاوز 40 دينارًا تحت أي ظرف، ومن يتجاوز هذا السقف يعتبر "خائنًا للدولة" وسيتحمّل مسؤولية قانونية ثقيلة، مع محاسبة صارمة لكل من يتلاعب بالأسعار.
كل هذه التطورات تؤكّد أنّ معركة الأسعار دخلت مرحلة حساسة، حيث تسعى الدولة من جهة إلى فرض الانضباط والتصدّي للمضاربة والاحتكار، فيما يحاول بعض المتدخلين في القطاع استغلال الفوضى لتحقيق أرباح غير مشروعة. وبين هذا وذاك، يبقى المواطن في الواجهة، ينتظر تطبيق القرارات على أرض الواقع، ويأمل أن تساهم هذه الإجراءات في تخفيف العبء اليومي على عائلته.
الفيديو;