تفاجأ صباح اليوم الإثنين أحد الموظفين بالاتحاد المحلي للشغل بالرقاب بوجود طفل يبلغ من العمر 12 سنة، واقفا أمام باب مقر الإتحاد ويتفحص كامل ارجاء قاعة الاجتماعات، وكأنه يبحث عن شيء ما متأكد من وجوده.
توجه الموظف المتواجد داخل القاعة نحو الباب وخاطب الطفل "تفضل ولدي ...آش تحب " فتراجع الطفل قليلا إلى الوراء ونظر في وجهه مباشرة واجابه بصوت متقطع " نلوّج على بابا نحب نشوفوا " فقاطعه الموظف قائلا له" لا ولدي باباك ما ثماش. اليوم ما ثماش حتى إجتماع هنا"، لكن الطفل تقدم نحوه قليلا مشيرا بأصبعه إلى داخل القاعة بصوت كله ثقة وإصرار " هانو باب غادي "
نظر الموظف في حيرة وذهول إلى الخلف ليتفاجا بان هذا الطفل كان يشير إلى صورة الشهيد عبد الرؤوف بوكدوس المعلقة على الحائط مع صور باقي شهداء الرقاب الذين سقت دمائهم الأرض ابان ثورة 17 ديسمبر..
فنزلت كلمات هذا الطفل الصغير كالصعقة على الموظف وأصابت رجفة كامل جسده لبعض الثواني ثم تمالك نفسه بعد أن اخفى دموعه التي نزلت دون إستئذان ليمسك بيد الطفل الصغير من يده وتقدما معا نحو الصورة ليضع الطفل يده على خدّ والده وكأنه يحدثه عن شأن ما لا يقدر على وصفه والاحساس به غير قلب ذاك الطفل ...
حاول ان يكون هذا الموظف سندا لهذا الطفل ويحتضنه حتى لبعض الثواني وسط حالة من التأثر ليستأذنه فيما بعد باخذ صورة له... فلم يمانع بابتسامة فيها بعض الذبول والخجل .. ثم همّ بالمغادرة دون اذن من أحد، تاركا الموظف بالاتحاد في ذهول وعيونه تغمرها الدموع.. ليخاطبه بصوت فيه تقطع وارتجاف " وين تحب تشوف باباك ايجا في أي وقت "...
هذا مادونه محمد زريبي احد موظفي الإتحاد المحلي للشغل بالرقاب قائلا " لم أكن قادرا على تقديم أكثر من السماح له بمشاهدة الصورة في كل وقت" ... ياتي كل هذا بعد يوم فقط من الاحتفال بالعيد العالمي للأب الموافق لـ 19 من جوان من كل سنة .
رحم الله كل شهداء هذا الوطن وربي يحمي تونس.
المصدر : الصحفي منير هاني